عبد السلام الطراونة
صباح الفجر الفلسطيني يخرج من رحم المعاناة .. ثنايا الصبر .. جمر النضال ولعبة البارود !!
السلام عليكم فلسطين عزيزة على قلوب الشرفاء من أبناء الوطن. على الأصل العربي .. الغصن يستر عار الأصل الذي انحنى ظهره بالظلم والاستبداد !!
صباح المدينة البطولية وشجاعتها .. صباح جنين المحاصرة .. أو (جينينغراد) الذي يعادل إن لم يكن تجاوزه من حيث البطولة ووتيرة الثبات وحماسة النضال ضد (لينينغراد) ، التي هزمت الجيوش النازية لهتلر وحليفه الفاشي .. وحققت النصر بعد حصار طويل وعذاب النازي حصار الدعم والخلاص .. كما نالت لقب المدينة البطولية !!
مرحباً غزة ، الصمود الذي جلب للعدو سوء الحظ والإذلال والإذلال لدرجة أن مقبرة شارون والمسؤولين الصهاينة الآخرين تمنوا أن يبتلعها البحر !!
صباح لواء جنين وأخواته وأسود الفوس وكل فرسان النضال الفلسطيني الذين حولوا دبابات ومدرعات العدو الصهيوني إلى خردة معدنية.
مرحباً أخواتنا حريات فلسطين الذين مع شروق الشمس يحتفلون بأبنائهم وأحفاد شهداء فلسطين بالزغاريد على جنات الخلود بين يدي الرحمن.
صباح الطفل الفلسطيني الذي يحمل كتابًا في يده اليمنى ومقلاع وحجر في يساره وهو يغني (أنا دمي الفلسطيني) وانتصر مقلاعه الصغير على مقلاع داود الآلي !!
صباح الطفل الفلسطيني النشمية ابنة خليل الرحمن الذي ألقى القبض على الجندي الصهيوني وهو يقطع طريقه مع رفاقه في طريقهم إلى المدرسة !!
في صباح اللحن الذي صار كالنشيد الوطني الفلسطيني الذي غنى به فرسان الفجر ، وأكرر معهم سرا وعلانية: (على عهدي ، على ديني .. على أرضي … قابلني .. أنا من أجل عائلتي سأضحي بهم .. دمي فلسطيني .. قلبي فلسطيني !!)
صباح أول شهيد أردني على التراب الفلسطيني الشيخ كايد مفلح عبيدات أحد قادة الحركة الوطنية الأردنية الذين حذروا من الخطر الصهيوني … ورفض وعد بلفور وعارض الاستيطان اليهودي في فلسطين.
صباح جندي من الجيش العربي استشهد على ارض فلسطين وطرفة عين من ارض جنين .. مؤخرا تم العثور على بقايا ابنه وساعة يده التي توقفت وقت استشهاده. .. وشعبنا في عموم فلسطين كرمه باحتفال مهيب .. وحملوه على أكتافهم شهيدًا وبطلًا إلى مثواه الأخير إلى جانب ربه الكريم.
مرحباً ابن عمي الضابط الوسيم محمد سليم الطراونة الذي استشهد واقفاً مرفوعاً رأسه ويدافع عن القدس الشريف ولعاب دمه الطاهر اختلط بأرض فلسطين فأخذنا حفنة واحدة. من الأرض المقدسة ممزوجة بلعاب الاستشهاد لإحياء ذكرى البطولة وتكريمًا لنفاس القدس وفلسطين وتأكيدًا على وحدة الدم والقدر والألم والأمل بين ملذات القلب الواحد. شواطئ النهر الخالد !!
صباح محمود درويش ، الشاعر الفلسطيني والعندليب المبدع ، الذي ما زالت دعوته ورسائل بيانه البليغ تدوي في القلوب والضمير عندما قال:
محاصرة مقعدك أمر لا مفر منه
ضرب عدوك حتما
سقطت ذراعك ، فرفعها
ووقعت بالقرب منك ، لذا تعال وخذني
وضرب عدوك معي !!
أنت الآن حر … وحرة … وحرة
صباح (عرين الأسد) التي غيرت معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، لأن تجاوزات وهجمات ومغامرات الصهاينة لم تعد مجرد نزهة ، بل كارثة لجنود وعربات العدو الصهيوني. !
مرحباً بالأبطال الفلسطينيين الشجعان الذين كرسوا المبدأ (العين بالعين ، والسن بالسن ، والبداية أغمق) في وجه العدو الإسرائيلي الغاصب !!
صباح النشمي التي أدركت بعد صراع طويل أن فلسطين لا يمكنها إلا أن تروي عطشها ورغبتها في التحرير والاستقلال !!
صباح النشيد الفلسطيني (أنا دمي الفلسطيني) غناها فرسان الفجر الصاعد ، والذي يذكرني بالسيمفونية السابعة التي تحمل اسم (لينينغراد) ، والتي ابتكر فيها الموسيقار الروسي الكبير (ديمتري شوستاكنش) رسالته. ألحان أثناء الحصار المفروض على مدينة (لينينغراد) وسكانها .. هكذا نسج خيوط لحن معبر ويرى حوله الدمار والخراب والموت والجوع !! أليست هي الحضارة النازية التي مارسها في لينينغراد المطابقة تمامًا للحضارة الصهيونية تجاه (جنين) وكل فلسطين ؟!
وظلت سيمفونية (لينينغراد) خالدة في وعيها شاهدا على العدوان النازي وبطولة الشعب (لينينغراد) !!
صباح الشهيد وشاهد على ظلم الاحتلال الصهيوني وجرائمه بحق الشعب وأشجار وحجارة فلسطين. فذهبت إلى جنات الخلود بإذن الله شهيدًا يدافع بكلمة صادقة عن ثروة فلسطين الغالية والحق الفلسطيني النبيل!
صباح الشهيد وشاهد على الحصار والظلم الذي يذكرني بقصة رواها لي شاب روسي وأنا في طريقي من (موسكو) إلى (لينينغراد) قصة امرأة ملقاة بين آلاف الجثث أثناء الحصار .. ثم جاء زوجها العسكري في الجيش الروسي لتفتيشها وتكريمها ودفنها على الوجه الصحيح. ما كانت دهشته عندما رآها لا تزال على قيد الحياة .. فقبلها وأخذها إلى المنزل المدمر في (لينينغراد) وعاشت السيدة وأنجبت الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) ورأيت بأم عيني. الندى في عيون (بوتين) بينما كان يتحدث عن والدته أثناء حصار (لينينغراد) وكان ذلك خلال الاحتفال بذكرى الانتصار على النازية !! وهو نفس ندى الملح الذي يملأ البقية تجاه حصار (جنين) والغضب الذي يملأ قلوبهم تجاه صمت العالم “المتحضر” وصمته على جرائم وظلم النازية الجديدة تجاه الشعب الفلسطيني. !!
ربما كان من المضحك ما قيل خلال زيارتي لـ (لينينغراد) أن الشاب الروسي الذي تحدثت معه بالإنجليزية ، أشار إلى قبور مهملة على جانب الطريق كانت مليئة بالأوساخ ، فسألته: ما هذا؟ رجسة صحية؟ قال هذه قبور خونة عملاء للنازية !! ثم بصق على الخونة ففعلت نفس الشيء !! بعد مسافة قصيرة رأينا على الجانب الآخر من الطريق قبوراً للهيبة والقيمة والاحترام. قال: هذه قبور الوطنيين والشرفاء الذين ضحوا بأرواحهم وضحوا بأرواحهم أثناء حصار (لينينغراد) ، ووجدتني أقف دون قصد احتراما ودعوة للسلام للأبطال الكرام !!
صباح الثريا وهي تنثر نجومها الشجعان أبطالها على وجه أرض فلسطين يتنافسون على الشهادة في فلسطين الحبيبة! جنين ونابلس والخليل وغزة اصبحت اقرب طرق الاستشهاد والجنة !!
صباح الشهداء الأبطال والفرسان الأحياء الذين تعاطفوا مع الإخوة أبطال الجبال (أوراس) مهد الثورة الجزائرية الذين جلبوا المجد للجزائر وترجموا النشيد الوطني الجزائري إلى واقع ملموس وعلامة النصر الميمون. عندما قالوا ووعدنا وحققنا: (وقررنا أن تعيش الجزائر … فاشهد … ثم تشهد!) وكنا شهودًا بحمد الله ينصر الجزائر على الاستعمار الفرنسي ، وسنشهد. بإذن الله تضامنًا على انتصار فلسطين على المعتدين الصهاينة .. فاشهدوا .. وأشهدوا !!
صباح (لوحدك) الذي لمس إخواننا الفلسطينيين آلامه ، ونشعر أيضًا بنفس الألم في الأرض التي بارك الله حولها. وهل هناك كرب أكبر من حصار القدس وجنين ؟!
صباح فلسطين .. صباح جنين .. صباح الخليل .. صباح غزة!
في صباح القدس ، تنبعث نفحاته المقدسة من مصطبة الكرك في القدس ، تلامس آذاننا وقلوبنا في شرفة القدس المحفوظة بين أركان سواحلنا وسواحل قلعة الكرك. الغرب هو المكان الذي تسقط فيه القلوب في فلسطين العزيزة.
ندى الصباح .. صباح الاستشهاد .. صباح غزة .. صباح جنين المحاصرة .. صباح فلسطين الغالية.